للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن يقول: إن فتوى الراوي بخلاف مرويِّه تَخْدِش في مرويِّه، يستثني من ذلك ما إذا بيَّن الراوي مستندَ فتواه، وتبين لنا ضعف ذلك المستند.

وقد بيَّن ابن عباس هنا أن مستند التغيير هو أن الناس تتايَعوا في الطلاق، فأجازه عليهم عمر. وإجازة عمر ليست عند ابن عباس حجة، كما ذكر الشافعي، فلم يبق إلا أنه وافقه على أن التتايع يقتضي الإجازة، وسيأتي إيضاحه إن شاء الله تعالى.

[ص ٩] على أنه قد جاء عن ابن عباس الفتوى بأن الثلاث واحدة.

قال أبو داود في "سننه" (١): روى حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس: "إذا قال أنت طالق ثلاثًا، بفمٍ واحدٍ، فهي واحدة". ورواه إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن عكرمة هذا قوله، لم يذكر ابن عباس، وجعله قول عكرمة. (سنن أبي داود ١/ ٢٩٨).

أقول: الظاهر صوابهما معًا، إذ لا مانعَ أن يرويه أيوب تارةً عن عكرمة عن ابن عباس، وتارةً عن عكرمة من قوله، فإن أبيتَ إلا الترجيح فقد اختلف الناس أيهما أرجح: حماد أم إسماعيل ــ وهو ابن عُلَية ــ؟

فقدَّم عثمان بن أبي شيبة ابنَ عُلَية.

وقال يحيى بن معين: حماد بن زيد أثبت من عبد الوارث وابن عُلَية والثقفي وابن عيينة.

وقال أيضًا: ليس أحدٌ أثبتَ في أيوب منه.

وقال أيضًا: من خالفه من الناس جميعًا، فالقول قوله في أيوب.


(١) بذيل رقم (٢١٩٧).