فلم يكن هناك حدٌّ لسلسلة الطلاق والرجعة. يطلق الرجل ثم يراجع، ثم يطلق ثم يراجع، ثم يطلق ثم يراجع، ثم يطلق ثم يراجع، وهكذا أبدًا.
٢ - فاتخذ بعض الناس ذلك طريقًا للإضرار بالنساء.
٣ - فأنزل الله تعال الآية، وشرع الحكم المستقر.
٤ - فاستقبل الناس الطلاقَ من يومئذٍ جديدًا.
فالنسخ إنما كان لحسم مادة الإضرار بالنساء، وقد أبقى الشرع للزوج حقَّ الرجعة اتفاقًا إذا طلَّق واحدةً، ثم راجع قبل انقضاء العدة، ثمَّ طلَّق ثانيةً، ثم راجع قبل انقضاء العدة. مع أن الزوج قد يتمكن بهذا من إضراره بالمرأة، ولكنه يسير، ولو لم يبقَ له ذلك لأضرَّ ذلك بالنساء وبالأطفال وبالأزواج ضررًا شديدًا.
ولا يخفى أنه لا فرقَ في احتمال قصد الزوج مضارَّة المرأة بين أن يطلق واحدةً ثم يراجع، ثم يطلق أخرى ثم يراجع، وبين أن يقول: طلقتك عدد ذرات العالم ثم يراجع، ثم يقول مثل ذلك ثم يراجع.
فالقول بأنه إذا قال:"طلقتك واحدة" كانت له الرجعة، وإذا قال:"طلقتك ثلاثًا" لم يكن له رجعة، لا يناسب سبب الآية، وما تضمنته من الحكم، فإن سببها هو إضرار الرجال بالنساء، ولا فرق من جهة الإضرار بين أن يطلق واحدة ثم يراجع، أو عدد ذرات العالم ثم يراجع.
والحكم بأنه إذا قال:"طلقتك" كانت له الرجعة، ثم إذا قال:"طلقتك" كان له الرجعة أيضًا، إنما أُبقِي ــ مع احتمال قصد الرجل الإضرار بالمرأة ــ