للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرابعة: أنك جعلت العلة في وجوب النفقة والسكنى للمعتدة هي تيسير سبيل الصلح بالمراجعة، وهذا لا يأتى في المرة الثالثة.

فالجواب عن الأولى: أن الصواب ــ إن شاء الله ــ ما قلته، فإن تحريم الطلاق في الحيض يتناول اللحظة الأخيرة منه، وأي ضرر عليها بلحظة تزيد في عدتها؟

وقد التزم الشافعي رحمه الله أنها لو رضيت بالطلاق وهي حائض لم يحرم لرضاها بالضرر، وهذا مخالف لعموم قوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} فعمَّ من لم ترضَ ومن رضيتْ.

ومخالف لعموم السنة، فإن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما أخبر بأن ابن عمر طلَّق امرأته وهي حائض، أنكر ذلك ولم يستفصل: أرضيتْ أم لم ترضَ.

وقد قال الشافعي رحمه الله تعالى ووافقه الناس: "إن ترك الاستفصال مع قيام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال".

ومخالف لما فهمه الصحابة رضي الله عنهم، فإن عبد الرحمن بن عوف سألته امرأته الطلاق فقال لها: "إذا طهُرتِ فآذنيني".

[ص ١٥] والعلة التي تعود على النص بالتخصيص قد أبطلها قوم، ومَن قَبِلها فإنما يقبلها إذا لم توجد علة أخرى سالمة من ذلك.

والشافعي رحمه الله تعالى جعل العلة في الحيض شيئًا، وفي الطهر الذي قاربها فيه شيئًا آخر، والعلة التي ذكرتها أنا واحدة لهما معًا، فهي أولى.

على أن العلة التي جعلها لتحريم الطلاق في طهر جامعها فيه، تكاد تكون هي العلة التي ذكرتها أنا، بل هي هي، فإن الشافعي رحمه الله تعالى لم