للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الشافعي (١) رحمه الله تعالى: "وحكم الله تعالى في الطلاق أنه {مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}، وقوله: {فَإِنْ طَلَّقَهَا} يعني ــ والله أعلم ــ الثلاث، {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} فدل حكمه أن المرأة تحرم بعد الطلاق ثلاثًا حتى تنكح زوجًا غيره".

أقول: أما الآية فمخالفك أسعد بها، كما تقدم.

وقوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا} المراد به المرة الثالثة، أي بعد مرتين قد عقبتْ كلًّا منها الرجعة، هذا ظاهر القرآن، ومقتضى سياقه، وقد تقدم تحقيق ذلك، فانهدم ما بنيتَه.

قال (٢) رحمه الله: "وجَعْلُ حكمِه بأن الطلاق إلى الأزواج يدل على أنه إذا حدث تحريم المرأة بطلاق ثلاث، وجعل الطلاق إلى زوجها، فطلقها ثلاثًا مجموعةً أو مفرقة، حرمت عليه بعدهن حتى تنكح زوجًا غيره، كما كانوا مملكين عتق رقيقهم، فإن أعتق واحدًا أو مائةً في كلمة لزمه ذلك، كما يلزمه كلها، جمع الكلام فيه أو فرَّقه، مثل قوله لنسوةٍ له: أنتن طوالق، ووالله لا أقربكن، وأنتن علي كظهر أمي. وقوله: لفلان عليّ كذا، ولفلان عليّ كذا، فلا يسقط عنه بجمع الكلام معنى من المعاني جميعه كلام، فيلزمه بجمع الكلام ما يلزمه بتفريقه".

أقول: يظهر من هذا الكلام أنه رحمه الله ظن أن الثلاث التي ذكر ابن


(١) "الأم" (١٠/ ٢٥٨).
(٢) بعد الكلام السابق مباشرة.