على قولكم فإن إحداهما تقع بعد مضي ثلث العدة، والأخرى بعد مضي ثلثيها، فليستا في قُبُل العدة، فالآية تنفي قولكم بتاتًا، وتثبت قولنا، والحمد لله.
وأما ما اعتذر به بعضكم بأن هذه اللام كاللام في قوله تعالى:{أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} قال: مع أن وقت الظهر لا يتعين عند دلوك الشمس، بل يمتد إلى صيرورة ظل الشيء مثله أو مثليه على الخلاف في ذلك، فعذر باطلٌ؛ لأن في هذه الآية ما يدل على الامتداد، وهو قوله:{إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} فدل على امتداد الوقت، ثم بينت السنة حد امتداد الظهر وحد امتداد العصر، ومع صرف النظر عن هذا فلنا أن نقول: لما دلت السنة على امتداد وقت الظهر علمنا أن الآية نصَّت على وقت الفضيلة، وهو أول الوقت، كما نصت عليه السنة.
وقال ابن طاوس:"إذا أردتَ الطلاق فطلِّقها حين تطهر قبل أن تمسها تطليقة واحدة، لا ينبغي لك أن تزيد عليها حتى تخلو ثلاثة قروء، فإن واحدة تُبِينها"(تفسير ابن جرير ج ٢٨/ ص ٧٧)(١).
فأما من قال من المفسرين كقولكم، فكأنه تأول العدة بالقرء؛ لأن به تكون العدة، فقال: يطلق ثلاثًا عند كل قرء، فمعنى الآية على هذا: فطلقوهن في قُبُل كل قرءٍ من أقراءِ العدة الثلاثة.
وهذا خلاف الظاهر بلا حجة، بل هو تعسفٌ واضحٌ.
(١) (٢٣/ ٢٧) (ط. التركي). ونحوه عن أبيه طاوس في "مصنف عبد الرزاق" (٦/ ٣٠٢).