للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأكثر ما يجيء الإمساك في القرآن بهذا المعنى، أي عدم الإرسال.

وإنما ذكرت الآيتين لئلا يقول قائل: قد جاء في القرآن {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} في موضعين، والمراد به في كل منهما "فراجعوهن"، فينبغي أن يكون قوله هنا: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ} أي مراجعة.

على أنه قد يقال: فرق بين قوله: {فَإِمْسَاكٌ}، وقوله: {فَأَمْسِكُوهُنَّ}، فإن الاسم يدل على الثبات واللزوم، فيقتضي أن هذا الإمساك هو الإبقاء في العصمة؛ لأنه استمرار شيء ثابت، والفعل يدل على التجدد والحدوث، فيقتضي في قوله: "فأمسكوا" أي أحدثوا إمساكًا، وهو المراجعة، فتأمل.

وقال ابن جرير (١) بعد أن ذكر أثر عروة وما في معناه: "فتأويل الآية على هذا الخبر الذي ذكرنا: عدد الطلاق الذي لكم أيها الناس فيه على أزواجكم الرجعةُ تطليقتان، ثم الواجب على من راجع منكم بعد التطليقتين إمساكٌ بمعروف، أو تسريح بإحسان".

ثم حكى قول من قال: إن "المرتان" طلقتان في كل طهر واحدة، ثم الواجب بعد ذلك إما إمساك بمعروف وإما تسريح بإحسان، ثم رده بأنه مخالفٌ لظاهر التنزيل، ولمرسل عروة وعواضده.

ثم حكى الخلاف في تأويل الإمساك والتسريح قال (٢): فقال بعضهم:


(١) "تفسيره" (٤/ ١٢٧).
(٢) المصدر نفسه (٤/ ١٣٠).