للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النسخِ فلا محيصَ له عن تسليم احتمال الآية لهذا المعنى، والله الموفق.

فهذا أحد المعنيين اللذين يحتملهما اللام.

المعنى الثاني ــ وهو المشهور ــ: أن اللام هي التي في نحو أوصيتُ لزيدٍ بمالٍ، فمعنى الآية عليه: كُتِب عليكم إذا حضر أحدَكم الموتُ إن تركَ خيرًا أن يوصي للوالدين .... ، وعلى هذا المعنى نبني البحث بعون الله تعالى.

(للوالدين)

هو مثنَّى والدٍ ووالدة، و"والدة" اسم فاعل من ولَدتْ تَلِدُ ولادةً: إذا وضعت حملَها، فهي والدةٌ ــ اسم فاعل ــ ووالدٌ أيضًا، حكاه ثعلب (١). تُرِك التاء لأمْنِ اللَّبْس، كما قالوه في حامل وحائض وطالق. فأما الذكر فإنه طبعًا لا يلد؛ إذ لا يكون منه في التسبُّب للولد ما يَصدُق عليه ولادة على الحقيقة، وإنما يُقال: وُلِدَ له. قال الله تبارك وتعالى: {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} [البقرة: ٢٣٣].

وقد جاء نسبة الولادة إلى غير الأنثى، قال الله عزَّ وجلَّ: {وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ} [البلد: ٣]، وهو مجازٌ مرسل علاقتُه السببية، كما يقال: بنى الأمير المدينةَ، أي أمر ببنائها.

ثمّ جرَّدوا لفظ "والدة" عن الوصفية، فأطلقوه على الأم مع عدم ملاحظة الوصفية، يقال: هذه والدتي، بمعنى أمي لا بمعنى التي ولدتْني. ويُبيِّن لك


(١) كما في "تاج العروس" (ولد).