أما آية الوصية فيحتمل ــ بل هو الظاهر ــ أنها نزلت قبل أن يفرض الله عزَّ وجلَّ للنساء نصيبًا، فهي مُقِرَّةٌ لعادتهم من حِرمانِ الإناث، غايتُها أنها أثبتت للأم لمزيد استحقاقها.
وأما آيات المواريث فلأن لفظ الأقربين فيها مورثون، فالمعنى أن المرأة ترث من أمها ومن ذوي قرابتها، ولكنا نقول: لا مانعَ من أن تدخل فيه النساء تبعًا، كما يدخلن في "قوم".
ولا يدخل فيه أقارب الأم، لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يُسهِم لأقاربِ أمِّه من سهم ذوي القربى.
رجعنا إلى تفسير آية الوصية:
قال تعالى:{وَالْأَقْرَبِينَ} قد علمتَ مما بسطناه في فصل الأقربين أن الراجح بل المتعين في تفسيره أن المراد به هنا مَن له قرابة بالمحتضر، بأن يكون من أدنى فصيلةٍ له تختصُّ باسم. وقدَّمنا أنه لا يدخل فيه أحدٌ من الأصول والفروع ولا أقارب الأم، وأيَّدنا عدم دخول الولد في آية الوصية بحديث البخاري وغيره عن ابن عباس، وسيأتي موضَّحًا في النسخ إن شاء الله تعالى.
ومع هذا فالظاهر بل المتيقن أن الوصية للأولاد وإن لم تَشمَلْها الآية كانت جائزةً أولَ الإسلام، وكان للرجل أن يُوصيَ لأولادِه ويُفضِّلَ بعضَهم على بعض، وإنما الفرق أنه لم يكن لوالديه ولقريبه شيء إلّا إن أوصى، وكان الأولاد يأخذونه وإن لم يُوصِ. والله أعلم.