إذا تقرر هذا فقوله في الآية:{أَوْلَادِكُمْ} لا يتناول من حيث الوضع إلا الأبناء الذكور، دون الإناث ودون بني البنين، لكن السياق دلَّ على دخول الإناث، فكان بمعنى البنين والبنات، وجُمِعوا معًا على أولاد تغليبًا، كما جُمِعَ الآباء والأمهات على آباء، والأبناء والبنات على أبناء في هذه الآية كما يأتي إن شاء الله تعالى. وليس ههنا قرينةٌ تدلُّ على دخول ولد الولد، فالقول بذلك مخالَفةٌ للأصل والظاهر معًا، ويُبطِلُه أن القول بدخولهم يقتضي التسوية بينهم وبينَ الأبناءِ مطلقًا، فيُعطَى ابن الابن مع أبيه وأعمامه، وهذا باطلٌ اتفاقًا. وأيضًا فسّر الأولاد فيما بعدُ بالأبناء في قوله:{آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ}، وليس أبناء الأبناء بأبناءٍ حقيقةً، وإن أطلق عليهم أبناء مجازًا.
بأن (١) يكون {لِلذَّكَرِ} منهم {مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} منهم، عدَلَ عن "مِثْلَا حظِّ الأنثى" أو نحوه لفائدتين:
الأولى: التنبيه على أن الذكر يُعادِل انثيين في الاستحقاق.
الثانية: أنه سيأتي في الآية {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ}، فربما يتوهم أن قوله:"مِثْلَا حظِّ الأنثى" إشارة إلى هذا، والمراد الكلُّ.
الثالثة ــ وهي أهمها ــ: إفادة حكم الأنثيين إذا انفردتا، فإن أول الصُّوَر الداخلة تحت قوله:{لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} أن يكون الأولاد ذكرًا وأنثى، ففي هذه الصورة يأخذ الولد الثلثينِ، وهو بمقتضى الآية مثلُ حظِّ الأنثيين، ففيه الإشارة إلى أن الأنثيين قد تأخذانِ الثلثينِ في بعض الصور،
(١) سياق الكلام: يوصيكم الله في أولادكم بأن يكون ... ، وتخلَّله تفسير "الأولاد" والرد على الجيراجي فيه.