للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شهرين أنفخ" (١).

قال: "وأما الوَحْدة فإني أشدّ منك فيها، والله ما أعلم إنسانًا هنا يؤنِسُني الاجتماعُ به إلا واحدًا هو الشيخ أحمد العبادي (٢)، ومع ذلك فلا أكاد أجتمع به في السنة ثلاث مرات، وليس هو كما أحب من كل جهة. أما بقية الناس فإن اجتماعي بهم يكدِّرني ويغمّني.

أما الفُرجة والنزهة فلا حظَّ لي فيها؛ لأن معظم شروطها الإخوان وأين هم؟ !

ولهذه الأمور شَمِطَت لحيتي، وضاقت جدًّا طبيعتي، وصرت كما قيل:

عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى ... وصوَّت إنسان فكِدتُ أطيرُ

وبالجملة، فحياتي ههنا تعيسة بئيسة والحمد لله على كل حال، فإن نِعَمه سبحانه وتعالى عليّ وعلى خلقه لا تحصى، ومن أعظم ذلك أنني بحمد الله تعالى لا أحتاج إلى أحدٍ من الناس، وأني رُزِقت شيئًا من اللّذة في الكتب ....

وأقسم بالله تعالى لولا أن عندي شيئًا من العلم أرجو أن ييسر الله تعالى نشره، وأن طاعتي لله عز وجل حقيرة، أرجو إن طالت بي حياة أن ييسر الله تعالى لي خيرًا منها، لكان الموت أحبَّ إليّ من الحياة، بل لكان الموت هو المحبوب والحياة مكروهة، هذا معتقدي الآن ولا أدري ما يحدثُ بعد، والسلام".

٧ - أما ما يتعلق بما كان يتقاضاه من رواتب شهرية وكيف كان يصرفها


(١) "أنفخ" تعبير دارج لأهل اليمن، يعنون به الخروج للترويح عن النفس.
(٢) لم أقف على ترجمته.