للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وانعقد الإجماع على أن المراد بالأخ والأخت وأكثر من ذلك: الإخوة لأم، وروى البيهقي (١) بسند صحيح إلى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه كان يقرؤها: "وله أخ أو أخت من أم"، ونُسب مثله إلى ابن مسعود وأُبي بن كعب.

ولعله ــ والله أعلم ــ نَسْخُ لفظ "من أم" له في الآيات ما يدلُّ عليه:

أولًا: ما قدَّمنا من أن المذكور في الآيتين الأوليين من كان جامعًا بين الاستحقاق والعصبية، وذكر معهم غيرهم تبعًا، وأجمل ميراث الإخوة فبقيت النفس متطلعة إلى بيانه، فلما خرج من النوع الأول ودخل في النوع الثاني يئس من بيان حكم الأشقّاء أو لأب في هذا الموضع، ولم ييأس من بيان حكم الإخوة لأم، فلما ذكر حكم الإخوة في النوع الثاني كان معلومًا أنهم الإخوة من أم أولًا، لأن النفس إنما بقيت متطلعةً إليهم.

وثانيًا: لذكرهم في النوع الثاني: وليس الأشقاء والإخوة لأب منه.

وأمر ثالث: وهو أنه فرض للأخ السدس مطلقًا، وقد علمتَ مما تقدم أن الفرائض إنما جُعِلت بإزاء الاستحقاق، والأخ الشقيق أو لأبٍ الغالبُ فيه جانب العصبية.

وأمر رابع: وهو أن الكلالة المراد بها قرابة الإخوة العصبيين، كما يأتي في تفسير الآية التي آخر السورة، فكأنه تعالى قال: "وإن كان رجل يورث


(١) في "السنن الكبرى" (٦/ ٢٣١). وأخرجه أيضًا سعيد بن منصور في "سننه" (٥٩٢ ــ تفسير) والدارمي (٢/ ٣٦٦) والطبري في "تفسيره" (٦/ ٤٨٣) وابن المنذر (١٤٥٠) وابن أبي حاتم (٣/ ٨٨٧).