للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصحَّ ذلك في أحاديث كثيرة كما ستأتي إن شاء الله تعالى. وإنما نازع ابن عباس في ذلك، ونزاعه ضعيف من حيث الدليل، ويحتمل التأويل كما يأتي إن شاء الله تعالى.

ومن الأمة مَن يُورِّث الإخوة مع الأب، وهو مذهب الشيعة ومرويّ عن ابن عباس، وهو مقتضى الرواية عن عمر رضي الله عنه، ومعترك الخلاف في الكلالة هو هذا، أيَرِثُ الإخوة مع الأب أم لا؟ فادّعاءُ الاتفاق فيه غلط محض.

وجعل الجيراجي الأمَّ مثل الأب بلا دليل غير مجرَّد الإدلاء (١)، والإدلاء ــ مع كونه لا يتحقق إلّا في الإخوة وفي نصيبها من الأشقّاء ــ لا يصلح أن يكون دليلًا، إذ لا نصَّ من الشارع أنه لا يرث أحدٌ مع مَن يُدلِي به. وبناؤه على تفسيره "الأقربين" قد بطل ببطلان ذلك التفسير كما تقدم. والإجماع إنما انعقد في الإدلاء المسلسل: أبو الأب، أُم الأم، ابن الابن، فلا يقاس عليه الإدلاء غير المسلسل: ابن الأب، ابن الأم.

فأما الإجماع في عدم توريث ابن الأخ مع الأخ وابن العم مع العم فإنما هو مبني على أن ابن العم وابن الأخ عصبة محض، وذهاب الجمهور إلى أن الإخوة لا يرثون مع الأب ليس للإدلاء، وإنما هو لأنهم لا يكونون معه إلّا عصبة، وهو أقربُ تعصيبًا منهم، كما تقدم في قوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ}.

أما نحن فنقول في الكلالة: إنها مصدر من: كَلَّ السيفُ إذا ضعُفَ حدُّه،


(١) انظر "الوراثة في الإسلام" (ص ٤٢).