للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المفعولية، فهو يُطلَق على الورثة، والمراد ذوو كلالةٍ، وهو لا يخالف قراءةَ الفتح على ما قدَّرناه في تفسيرها.

وجاء في بعض عبارات الصحابة: الكلالة ما دونَ الولد والوالد، وهو ظاهر في أنه يُطلق على الورثة. ففي "سنن البيهقي" (١) عن الشعبي قال عمر رضي الله عنه: الكلالة ما عدا الولد. وقال أبو بكر: الكلالة ما عدا الولد والوالد ... إلخ.

وهذا هو الراجح عندي أن الكلالة اسم لقرابة الإخوة العصبيين وغيرهم من العصبية، لا للورثة ولا للمورث ولا للوراثة. على أنه لا مانعَ من إطلاقها على كلٍّ من هذه تجوُّزًا، وأكثرها الأول، فيقال: هم كلالةٌ، كما يقال: قرابة، أي ذَوُو كلالةٍ، وإطلاقُها على المورث بمعنى: ذُو ذَوي كلالة، أي ذو أقاربَ ذوي كلالةٍ، ففيه كثرة الحذفِ، فهو أضعف من الأول. إلّا أن لفظ الكلالة في القرآن لا يُحمل إلّا على المعنى المشهور المعروف أو ما يُقاربه، كيف وقد صحَّ في حديث جابر بن عبد الله كما تقدم، وسؤاله سبب نزول هذه الآية التي في آخر النساء، كما أخرجه الإمام أحمد والنسائي (٢) من حديث أبي الزبير عن جابر، وهو في "سنن أبي داود" (٣): ثنا أحمد بن حنبل ثنا سفيان قال: سمعتُ ابن المنكدر أنه سمع جابرًا ... فقلتُ: يا رسول الله،


(١) (٦/ ٢٢٤). وأخرجه أيضًا عبد الرزاق في "المصنف" (١٩١٩١) وابن أبي شيبة في "المصنف" (١١/ ٤١٥، ٤١٦) والطبري في "تفسيره" (٦/ ٤٧٥، ٤٧٦).
(٢) "مسند أحمد" (١٤٩٩٨)، والنسائي في "الكبرى" (٦٣٢٤، ٧٥١٣).
(٣) رقم (٢٨٨٦) ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (٦/ ٢٢٤) بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (١٤٢٩٨).