فقد تضافرت الأدلة الصحيحة الصريحة بتوريث الإخوة مع البنات، كما سيأتي بسطها إن شاء الله تعالى.
فأما بنو البنات فإنهم ليسوا بأولادٍ حقيقةً كما هو ظاهر، ودعوى دخولهم بالمجاز لا دليلَ عليها إلا قياسُهم على بني البنين، وهو قياس في اللغة، مع أن قائلهم يقول (١):
بنونا بنو أبنائنا وبناتُنا ... بنوهنَّ أبناءُ الرجالِ الأباعد
ونحن إنما ورَّثنا أبناءَ البنين بالنصوص التي وردت في ذلك، كحديث ابن مسعود وغيره، ثم بالإجماع. وليس في بني البنات نصٌّ ولا إجماع، بل الإجماع على أنهم لا يرثون. والله أعلم.
{وَلَهُ أُخْتٌ} شقيقة أو من الأب، لا أنها لا تكون كلالةً إلّا إذا كانت كذلك كما قدَّمنا، ولأن حكم الإخوة من الأمّ قد تقدم في موضعه على خلاف هذا، ولأن الإخوة هنا شُبِّهوا في فرائضهم بالأبناء، وهذا لا ينبغي إلّا في الأشقّاء أو لأبٍ، لأنهم من العصبة، فأما الإخوة من أم فإنهم أباعدُ، والإجماع فوق ذلك، والله المستعان.
{فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} المرء المورث، أي أخوها من أبيها وأمّها أو من أبيها، وقد تقدم ما تدلُّ عليه نسبة الفرض إلى "ما ترك" من إبطال رأي الجيراجي في العول.
(١) البيت بلا نسبة في "الحيوان" (١/ ٣٤٦) و"شرح شواهد المغني" (٢/ ٨٤٨). ونُسب إلى الفرزدق في "خزانة الأدب" (١/ ٢١٣)، ولا يوجد في ديوانه.