الأول: أنه قال فيها: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ}، وهو يعمُّ كلَّ هالك، لا يخصُّ من يحيط ذوو الكلالة بإرثه، كما كان في الآية الأولى، فلهذا قيّدها بقوله:{لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ}. وأما ميراث الأخوات مع البنات فهو على وجه التعصيب، وهو غير الإرث المذكور في الآية، إذ المذكور فيها الفرض.
الثاني: قوله: {وَهُوَ يَرِثُهَا}، وقد قال السهيلي: إنه على الإحاطة، ووافقه غيره. قال أبو السعود (١): فالمراد بإرثه لها إحراز جميع مالها، إذ هو المشروط بانتفاء الولد بالكلية، لا إرثه لها في الجملة، فإنه يتحقق مع وجود بنتها.
أقول: وفيه نظر؛ لأن الإحاطة يَمنعُ منها أيضًا غيرُ البنت، كالزوج والأم والإخوة لأم. فالأَولى ــ إذا ثبت أن قولنا:"وَرِث زيدٌ عمرًا" يقتضي الإحاطة ــ أن يقال: هذا هو الأصل، وقد يُتوسَّع فيُطلَق في ما يقارب الإحاطة، وهو إرث العصبة، فإنه يحيط بالمال إذا انفرد، وكونه ليس له نصيب معيَّن يقتضي إطلاقَ إرثه، على ما تقدم في المحمل الثالث.
هذا، وقد تُوجَّه دلالة "وَرِث فلانٌ فلانًا" على الإحاطة بأربعة أوجه:
الأول: أن يقال: إن الذوق وكثرة الاستعمال ومواقعه يدلُّ أن حقَّ الإرث أن يُعدَّى فعلُه بنفسه إلى المال ونحوه، وأن يُعدَّى إلى من كان له