للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يأخذ الأب في صورة زوج وأبوين، كما أجاب زيد بن ثابت لما راسله ابن عباس، فقال زيد: لا أفضِّلُ أمًّا على أب. وليس في النصوص ولا النظر ما يمنع أن تفضل الأم الأب حتى نحتاج إلى تأويل الآية. أما النصوص فظاهر، وأما النظر فإن كنتم تقيسون الأبوين على الابن والبنت وعلى الأخ والأخت شقيقين أو لأب فهذا خطأ، فقد بان بقوله تعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} أن الأبوين ليسا كالابن والبنت، ولا كالأخ والأخت، فإن الابن والبنت والأخ والأخت لا يكونان إلا عصبة، واتصال الابن والبنت بالمتوفى سواء من كل وجه، وكذا الأخ والأخت، ولا كذلك اتصال الأبوين، فإن اتصال الأم أقوى، فلو كان الأمر إلى القياس لكان الأشبه أن يشبه الأبوان بالبنت وابن الابن والأخت الشقيقة والأخ لأب. وإن نظرتم إلى مقدار التعب والعناء فأفضلية الأم ظاهرة، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وآله وسلم -: "بِرَّ أمَّك ثم أمَّك ثم أمَّك ثم أباك".

فإن قلتم: ولكن الأب هو الذي أنفق المال أي في الغالب.

قلنا: ولكن الأم قد تكون أحوجَ إلى المال من الأب، ولاسيَّما عند شيخوختها عندما يُعرِض عنها الأب، مع أن مثل هذه الأمور قد قطعها الله عزَّ وجلَّ بقوله: {لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا} الآية كما مرَّ.

والنظر الصحيح أن الأم ليست مع الأب عصبةً، وإلّا لكانت معه عصبة عند وجود الولد أو الإخوة، وأن الأب لا ينقصها عن ثلثها، وإلّا لنقَصَها عند انفراده معها، فإذا لم يكن لا ذا ولا ذاك فهي ذاتُ فرضٍ أبدًا، ينقصها الولد أو الإخوة إلى السدس، فإن لم يكن ولد ولا إخوة فهي على ثلثها، وأما الأب