للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا بالبيّنة فأمرها ظاهرٌ، وشرطها بيانُ السبب المعتبر، كما قرَّروه عَقِبَ ما مرَّ عند قول المتن: "ومَن أقام بيّنةً بِرِقّه عُمِلَ بها" (١). ويُشترط أيضًا عدم المعارضة، فإنَّ بيّنةَ الحرّ تُقدَّم على بيّنةِ الرقّ، على ما نقله الهروي عن الأصحاب، وإنْ كان المعتمد خلافَه كما ذكره الرمليُّ في باب الدعاوي (٢).

وإذا لم تعتبر اليد، ولم تَرِدْ بيّنةٌ معتبرة، فالقول قول المُسْتَرَقّ البالغ بيمينه، وإنْ قد استخدم زمانًا وتداولته الأيادي، كما حققوه في باب الدعاوي.

وأمَّا الصغير فيُقبَل قولُ مسترِقِّه الذي هو في يده بيمينه ما لم يعتمد على الالتقاط، فإذا بلغ وادَّعى الحريَّة لم يُصدَّق إلا ببيّنةٍ على الأصحِّ. أمَّا غيرُ ذي اليد فلا يُصدَّق إلا ببيّنة معتبرةٍ.

وأمَّا الإقرار فأولًا: من المعلوم أنَّ الإقرار بالمال شرطه الرشد، ومن المعلوم أن مذهبَ الشافعي أن الرشدَ صلاح الدين والمال، وإنْ تجوَّز بعضُ المتأخرين فيعمل به حيث دعتِ الحاجةُ، والإقرارُ بالرقِّ هل يُعتبر فيه الرشد؟ الذي فهمه ابن حجر والرمليُّ من إطلاق الأصحاب في باب اللقيط عدمُ اعتباره، على أنَّ ابن حجر إلى اعتباره أميلُ، وباعتباره قال سلطان العلماء الشيخ عزُّ الدين عبد العزيز بن عبد السلام رحمه الله تعالى، ورجّحه المغني والزركشي والأذرعي وابن قاسمٍ والسيّد عمر، وهو الظاهر؛ لأنّه إقرار بمالٍ، والعذر عن إطلاق الأصحاب في باب اللقيط أنهم قد قيَّدوه في باب الإقرار، وهو الباب المعقود لذلك.


(١) المصدر نفسه (٥/ ٤٦٢).
(٢) المصدر نفسه (٨/ ٣٤٥).