للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا قوله: "اللهم ... إلخ" فلا يخفى ما فيه من البُعد بل المكابرة؛ إذ لا معنى لقوله: أنا عبدُه أو نحوه إلاّ أنا مملوكٌ له، وهذا نصٌّ في الماليّة. هـ

فكلامُه هو لا يرجِّح اعتبارَ الرشد، وأين الرشد اليوم في كثيرٍ من الأحرار فضلًا عن الأرقّاء؟ ولو اعتُبِر هذا لشقَّ على النَّاس، إذ كلُّ من أراد بيعَ رقيقٍ احتاج إلى شاهدين على رِقّه، وعليه فتُسمع بعد ذلك دعوى المبيع؛ إذ لم يكن الحكم برقّه مبنيًّا على إقراره فتُرَدُّ دعواه.

وأمّا شهادةُ الحسبة فإليك عبارةَ "المنهاج" مع ملخَّصٍ من عبارة "التحفة" (١): (وتُقبل شهادة الحسبة في حقوق الله تعالى وفيما له فيه حقٌّ موكَّدٌ) وهو ما لا يتأثّر برضا الآدمي ... وإنّما تُسمع عند الحاجةِ إليها حالًا، كأخيها رضاعًا وهو يريد أن ينكحها، أو أعتقه وهو يريد أن يسترقّه (كطلاقٍ وعتقٍ) بأن يشهد به أو بالتعليق مع وجود الصفة أو بالتدبير مع الموت أو بما يستلزمه. هـ

والحريّة من أعظم حقوق الله تعالى، والأصليّة أولى من العتق، ولا فرقَ بين كونِ العتق وقع ممَّن يريد أن يتملّكه أو يبيعه أو مِنْ غيره، كما هو الظاهر.

فالذي يظهر أنَّ شهادة الحسبة لا تُردُّ في هذا؛ إذ هو ممَّا لا يتأثّر برضا الآدميِّ، والله تعالى أعلمُ.


(١) (١٠/ ٢٣٧ - ٢٣٨).