للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن عبادة، وقد ثبت هذا الحديث نفسه بهذا الإسناد نفسه (١) في قصَّة، ولفظه: صلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - الصبح؛ فثقلت عليه القراءة، فلما انصرف قال: "أراكم تقرءون وراء إمامكم؟ " قال: قلنا: إي والله يا رسول الله، قال: "أما لا تفعلوا إلَاّ بأم القرآن؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها".

وقد جزم بعض الحفَّاظ (٢) بأنه حديث واحدٌ جرَّده الراوي تارةً عن قصته، وذكره أخرى بقصته. ولا يخفى على من مارس صناعة الحديث، وعرف تصرُّف الرواة أنَّ هذا هو الظاهر. فقول الشارح فيما يأتي: "إنه لا دليل عليه" ليس مما يلتفت إليه. فإذا عرف هذا عرف أن زيادة "فصاعدًا" لا موقعَ لها في الحديث، بل هي مناقضة له، والله أعلم.

ثم إنَّ الإمام البخاري رحمه الله تعالى لم يبتَّ الحكم في ردِّ هذه الزيادة؛ بل ذكر الأمر الثالث؛ وهو أنَّ هذه الزيادة إن صحَّت فلا تقتضي أنه لا صلاة لمن لم يزد على الفاتحة.

كما أنَّ هذه اللفظة قد ثبتت في قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: "لا تُقطع اليدُ إلَاّ في ربع دينار فصاعدًا"، ولم يفهم منه أحد أنها لا تقطع اليد فيما لم يزد على ربع دينار؛ بل فهموا منه أنها لا تقطع إلَاّ في ربع دينار أو فيما زاد على ربع دينارٍ.

وأما ما نقله المفتي عن البخاري فتلك عبارة "فتح الباري"، وكأنها


(١) بل من طريق مكحول عن محمود بن الربيع عن عبادة، كما رواه أبو داود (٨٢٣) والترمذي (٣١١).
(٢) منهم الترمذي، قال عقب رواية مكحول عن محمود بن الربيع عن عبادة (٣١١): "وروى هذا الحديث الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة ... ". وانظر "فتح الباري" (٢/ ٢٤٢، ٢٤٣).