للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: وقد قال يحيى بن معين ــ وهو هو ــ: كفاك قول الزهري: سمعت ابن أُكيمة يحدِّث سعيد بن المسيِّب. وقال الدوري عن يحيى: عمارة بن أكيمة ثقة، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، مقبول، وقال يعقوب بن سفيان: هو من مشاهير التابعين بالمدينة (١).

وقد عمل الراوي عنه ــ وهو الإمام الزهري ــ بحديثه؛ فإنَّ مذهب الزهري أن لا يقرأ المأموم فيما جهر به إمامه؛ سواءٌ أسمع القراءة أم لم يسمع. وهذا يدلُّ أنَّ ابن أكيمة عنده ثقة.

قالوا: وقد أخرج الإمام أحمد وابن ماجه (٢) وغيرهما بأسانيد صحيحة من طريق أبي إسحاق السَّبيعي عن الأرقم بن شُرحبيل عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: "لمَّا مرض رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - مرضَه الذي مات فيه"، فذكر الحديث إلى أن قال: "فخرج أبو بكر فصلَّى بالناس، ووجد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من نفسه خِفَّةً؛ فخرج يُهادَى بين رجلين، ورِجْلاه تَخُطَّان في الأرض؛ فلمَّا رآه الناس سبَّحوا أبا بكر؛ فذهب يتأخَّر، فأومأ إليه أيْ مكانَك؛ فجاء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حتى جلس، قال: وقام أبو بكر عن يمينه، وكان أبو بكر يأتمُّ بالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، والناسُ يأتمُّون بأبي بكر، قال ابن عباس: وأخذ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من القراءة من حيث بلغ أبو بكر ... الحديث.

قالوا: فهذا ظاهر أنَّ الصلاة كانت جهرية، وأنَّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بنى على قراءة أبي بكر، ولابد أن يكون أبو بكر قد قرأ الفاتحة أو بعضها. ففيه دلالة


(١) انظر "تهذيب التهذيب" (٧/ ٤١١).
(٢) "المسند" (٣٣٥٥) وابن ماجه (١٢٣٥). وأخرجه أيضًا الطحاوي في "معاني الآثار" (١/ ٤٠٥) والبيهقي في "السنن الكبرى" (٣/ ٨١).