للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما أصحابه والتابعون فقد رووا أحاديثه وأفتوا بها، ولا داعي لاتهامهم بأنهم حملوها على غير ما تقتضيه. فإن صحَّ عن بعضهم ما يخالفها فقد صحَّ عن جمهورهم ما يوافقها.

وإذا كانت الأدلة تقتضي بطلان صلاة من لم يقرأ الفاتحة وإن جهر إمامه، وقد رواها الصحابة رضي الله عنهم، واحتجُّوا بها على وجوب الفاتحة في هذه الصورة وغيرها، وأمروا بقراءة الفاتحة في هذه الصورة وغيرها= فقد ظهر من ذلك أنهم كانوا يرون بطلان من لم يقرأ بها، وإن جهر إمامه، وهذا كافٍ في إثبات ذلك؛ فمن ادعى خلافه فعليه البيان.

وفي حديث عبادة (١) أنه قرأ الفاتحة خلف الإمام في الجهرية، ثم احتجَّ بأنَّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أمر بقراءتها خلف الإمام في الجهرية، وقال: لا صلاة إلَاّ بها.

وحكى البخاري في "جزء القراءة" (٢) عن علي ابن المديني أنه لم يُجِز إدراك الركعة بإدراك الركوع مع الإمام من الصحابة إلا من كان لا يرى القراءة خلف الإمام.

فيؤخذ من هذا أنَّ الذين كانوا يرون قراءة الفاتحة خلف الإمام كانوا يرون أنها لا تجزئ الصلاة بدونها، وقد تقدَّم ذكر بعضهم.

وقال البخاري في "جزء القراءة" (٣): "وقال الحسن وسعيد بن جبير وميمون بن مهران وما لا أُحصي من التابعين وأهل العلم: إنه يقرأ خلف


(١) سبق تخريجه.
(٢) (ص ٢٦٩، ٢٧٠).
(٣) (ص ١١٧، ١١٩).