للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها: في حديث عبادة: «فلا تفعلوا»، وحديث ابن أكيمة يُشعِر بذلك كما تقدَّم.

وزاد عبادة استثناء الفاتحة، وليس ذلك في حديث ابن أكيمة، ولكن ذلك ينجبر بما عُرِف من مذهب أبي هريرة. على أنَّ حديث ابن أكيمة لم تدخل فيه الفاتحة أصلًا، كما يأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى.

فرأى ذلك القائل أنَّ هذا الاتفاق يحصل به غلبة الظن بأنَّ الحديثين واقعة واحدة، هذا دليله.

ومع ذلك ففي النفس شيءٌ من ذلك؛ لأنَّ في حديث عبادة في رواية: «إني أراكم تقرؤون وراء إمامكم، قلنا: أجل والله يا رسول الله، إنا لنفعل هذًّا». وفي حديث ابن أكيمة: «هل قرأ معي أحد منكم آنفًا؟ فقال رجل: نعم، أنا يا رسول الله». فالاستفهام مختلف، والجواب مختلف، وسيتضح ذلك قريبًا إن شاء الله تعالى.

ثم قال الشارح: (وحملُ حديث أبي هريرة على ما عدا الفاتحة تعسُّفٌ، بل علَّة الشارع فيه العموم؛ لأنَّ الشارع منع عن القراءة مطلقًا، وبيَّن علة النهي المنازعة، وقراءة الفاتحة وغيرها مشتركة في المنازعة سواء فيها، بدون فرق؛ فهذه العلة تجري في قراءة الفاتحة كما تجري في قراءة غيرها سواء بسواء).

أقول: الحديث من رواية أبي هريرة، ومذهبه الذي كان يفتي به كما في «صحيح مسلم» وغيره وجوب القراءة على المأموم سواء أسرَّ الإمام أم جهر، ومذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله أنَّ فتوى الراوي على خلاف