وإذ قد تعيَّن أحد هذين الاحتمالين فلْننظر أيهما أرجح، سائلين الله تعالى التوفيق.
قد يقال: مما يرجِّح الأول أنَّ فيه إبقاء لفظ «قرأ» على إطلاقه.
وفيه نظر من وجهين:
الأول: أنَّ من كلامه - صلى الله عليه وآله وسلم - ما يُساق مساق التشريع العام؛ كقوله: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب».
وقوله: «كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج»، ونحو ذلك.
ومنه ما يكون محاورة لبعض أصحابه؛ كهذا الحديث.
فما كان من قبيل الأول فهو الذي ينبغي أن يحافظ على إطلاقه وعمومه وغير ذلك.
وما كان من الثاني فالمدار فيه على العلم بالقرائن التي كانت عند المخاطب.
الوجه الثاني: أنَّ إبقاءه على إطلاقه يتوقَّف على افتراض تقدُّم ناسخ ينسخ تلك النصوص.
ولا شك أنَّ صرفه عن إطلاقه أهون من ذلك الافتراض.
ومما يرجِّح الثاني أنَّ أبا هريرة راوي الحديث ممن يفتي بوجوب الفاتحة خلف الإمام وإن جهر.
وهذا يدلُّ أنه كان عنده حين سماعه قرينة صارفة عن الإطلاق.
ووافقه جماعة من الصحابة؛ منهم أمير المؤمنين عمر، وأمير المؤمنين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute