للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن مالك روايتين مُثبِتتين للتكبير (١). فربما يقوم بهذه الطرق دليل، وإن كانت الطرق الصحيحة تُثبت أنه انصرف قبلَ أن يكبر.

ووجه الاستدلال أنه يؤخذ من تلك الطرق أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يأمرهم باستئناف النية والتحريم، بدليل أنه إنما أومأ عليهم إيماءً، وإذا صحَّ جزءٌ من الصلاة خلف الجنب صحت كلها، ولا مانع، وبالأولى الحدث الأصغر والنجاسة ونحوها.

ومما يدلُّ له أيضًا قصة سيدنا عمر رضي الله عنه حين طُعِن فاستخلف وأمضى المسلمون صلاتهم، وفيهم أكابر الصحابة رضوان الله عليهم، ولم يبالوا بكون إمامهم قد بطلت صلاته.

وأما قولكم: «لا عبرة بالخطأ البيِّن خطؤه»، فإنما هو: «لا عبرة بالظن البيِّن خطؤه». وهذا معتبر في العقود، كما عبَّروا عنه بقولهم: العبرة في العقود لما في نفس الأمر لا بما في ظن المكلّف. ومثاله: لو باع مال مورثه ظانًّا حياته، فبان أنه كان قد مات، فيصح. وأما في العبادات فقالوا: العبرة بما في نفس الأمر وبما في ظن المكلف معًا. فلو صلَّى خلف إنسان يظنُّه محدِثًا، فبان أنه كان متوضئًا، فصلاة المؤتمّ باطلة. وأما ما في نفس الأمر فيعتبر في العبادات إلّا حيثُ انتفى التقصير عن البحث، كما يظهر من كلامهم هنا. لكنهم في مسألة الكافر المخفي لكفره اعتبروه مع عدم التقصير. والله أعلم.

نعم قولكم: «إن الإمام حامل لصلاته وصلاة مَن خلفه» ما معناه: فإن


(١) عقب الحديث (٢٣٤).