للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سلكناه مسلكَ العدول .... وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل": ذكر أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال: سعد بن سعيد الأنصاري مؤدي. قال أبو الحسن ابن القطان الفاسي: اختُلِف في ضبط هذه اللفظة، فمنهم من يُخفِّفها أي هالك، ومنهم من يشدِّدها أي حسن الأداء. وقال الترمذي: تكلموا فيه من قبل حفظه" (١).

أقول: أما قول أحمد "ضعيف" فيحتمل أنه أراد الضعف النسبي، أي بالنسبة إلى أخيه يحيى، فإن يحيى أوثق وأثبت. وقد قال السخاوي: "ومما يُنبَّه عليه أنه ينبغي أن تُتأمَّل أقوال المزكّين ومخارجها، فقد يقولون: فلان ثقة أو ضعيف، ولا يريدون أنه ممن يُحتجُّ بحديثه ولا ممن يُردُّ، وإنما ذلك بالنسبة لمن قُرِن معه". ثم ذكر شاهدًا لذلك (٢).

وعلى هذا يُحمل قول ابن معين مرةً "ضعيف" بدليل قوله مرةً "صالح"، والحمل هنا أظهر، فقد قال السخاوي بعد ما تقدم (٣): "وعلى هذا يُحمَل أكثرُ ما ورد من اختلاف كلام أئمة الجرح والتعديل ممن وثَّق رجلًا في وقتٍ وجرحه في آخر".

وأما قول أبي حاتم "مؤدي" فقد فسَّرها ابنُه كما سمعتَ بما يفيد التوثيق مع تليينٍ يسير لا يضرُّ. وتفسيرُ ابنه لها بذلك صريح في أنه سمعها من أبيه بهمزة مفتوحة ودالٍ مشدَّدة. وبذلك يُرَدُّ على ما قاله الذهبي في "الميزان"،


(١) "تهذيب التهذيب" (ج ٣ ص ٤٧٠ - ٤٧١). [المؤلف].
(٢) "فتح المغيث" (ص ١٦٣). [المؤلف]. انظر طبعة الجامعة السلفية (٢/ ١٢٧، ١٢٨).
(٣) المصدر السابق.