للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وربما حدَّث من حفظه الشيء فيُخطئ، كما قال أبو زرعة. وعلى هذا يُحمل كلام من أطلق، كابن سعد والنسائي وغيرهما.

وأما ما في "الميزان" عن أحمد فلا أدري أيصحُّ أم لا، لأن صاحب "التهذيب" لم يذكرها، إنما ذكر ما أسنده ابن أبي حاتم، فالله أعلم.

وبالجملة فإطلاق إمام الجرح والتعديل يحيى بن معين أنه ثقة حجة، وإطلاق ابن المديني حافظ عصره أنه ثقة ثبت= يدلُّ على أحد أمرين: إما أن عبد العزيز كان لا يكاد يُحدِّث من حفظه، وإما أنه كان إذا حدَّث من حفظه لا يكثر وهمه، وإنما كان ربما وهم. وعبارة أبي زرعة صريحة في الأول، فإنه قال: "فربما حدَّث من حفظه"، فدلَّ أن ذلك قليل، والغالب أنه لا يحدِّث إلَّا من كتاب.

[ص ٦] وإذا ثبت أنه كان لا يحدِّث من حفظه إلا قليلًا فالغالب أنه حدَّث بهذا الحديث من كتاب، فإن كان من كتابه فلا كلام، وإن كان من كتاب غيره فكذلك، لأنه ليس مظنَّة التصحيف والتحريف. ويؤكِّد هذا أن الذين رووه عنه أئمة حفَّاظ متثبتون (١):

منهم: ابن المبارك (٢)، على ما يظهر من عبارة الترمذي وقد مرَّت. وابن


(١) ممن رواه عنه ولم يذكره المؤلف: أحمد بن عبدة عند ابن خزيمة (٢١١٤)، وإسحاق بن إبراهيم (ابن راهويه) عند ابن حبان (٣٦٣٤)، وخلاد بن أسلم عند النسائي في "الكبرى" (٢٨٧٦)، ومحمد بن عباد عند الهيثم بن كليب الشاشي في "مسنده" (١١٤٣)، ويحيى الحماني وضرار بن صُرَد عند الطبراني في "الكبير" (٣٩١١).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣/ ٩٧) ومسلم (٢/ ٨٢٢) رقم (١١٦٤) من طريق ابن المبارك عن سعد بن سعيد به. وليس عن عبد العزيز.