للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: فإذا انتفى واحدٌ فأكثر من هذه الخمسة لم يُكْرَه صومُها، أي بل يُستحبُّ كما يأتي.

فأما المحدّثون منهم فمنهم من قال: لعله لم يبلغ مالكًا الحديثُ، قاله الحافظ أبو عمر ابن عبد البر (١) وغيره. ومنهم من قال: لعله لم يبلغه من وجهٍ يصحُّ، وقد بلغ غيرَه. ومنهم مَن قال: لعله إنما بلغه عن سعد بن سعيد، فلم يعتمد عليه، وإن كان لم يتكلم هو في سعد بن سعيد ولا أحدٌ من أهل عصره كما مرَّ.

وذكر المازري المالكي في "شرح صحيح مسلم" (٢) [ص ١٤] كلامَ مالك، ثم قال: "قال شيوخنا: ولعل مالكًا إنما كره صومها لهذا، وأما صومها على ما أراده الشرع فجائز. وقال آخرون: لعله لم يبلغه الحديث أو لم يثبت عنده، وإنما وجد العمل بخلافه". نقله عنه الأُبِّي (٣).

وقال الباجي في "شرح الموطأ": "وإنما كره ذلك مالك لما خاف من إلحاق عوامّ الناس ذلك برمضان، وأن لا يميِّزوا بينها وبينه حتى يعتقدوا جميع ذلك فرضًا". ثم ذكر رواية سعد بن سعيد ثم قال: "وسعد بن سعيد هذا ممن لا يحتمل الانفراد بمثل هذا، فلما ورد الحديث على مثل هذا، ووجد مالك علماء المدينة منكرين العمل بهذا احتاط. فتركه لئلا يكون


(١) انظر "الاستذكار" (٣/ ٣٨٠) ط. دار الكتب العلمية. و"إكمال المعلم" (٤/ ١٣٩، ١٤٠)، و"شرح الزرقاني على الموطأ" (٢/ ٢٠٣).
(٢) لم أجد كلامه في "المعلم بفوائد مسلم" المطبوع. ولكن القاضي عياض نقله في "إكمال المعلم" (٤/ ١٣٩، ١٤٠).
(٣) "شرح مسلم" للأبّي المالكي (ج ٣ ص ٢٧٩). [المؤلف].