للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حكى فيما سبق أنهم يشركون في استحقاق العبادة غيرُ مشركين في الألوهية، كيف والقرآن مملوء بالإخبار عنهم أنهم اتخذوا الأوثان آلهة، وقد قال هو نفسه في المطوَّل (١) في بحث تعريف المسند إليه بالعَلَمِيَّة ما لفظه: «ألا ترى أنَّ قولنا: (لا إله إلا الله) كلمة توحيد بالاتفاق ... فيجب أن يكون إله بمعنى المعبود بحق، والله تعالى عَلَمًا للفرد الموجود منه، والمعنى: لا مستحق للعبودية له في الوجود أو موجود إلا الفرد الذي هو خالق العالم، وهذا معنى قول صاحب الكشاف: «إن الله تعالى يختصُّ بالمعبود بالحق لم يُطْلَقْ على غيره»، أي بالفَرْدِ الموجود الذي يُعبد بالحق تعالى وتقدَّس». ونقلوا نحوه عن السعد في شرح الكشاف (٢).

فأما زعمه أنَّ نفي الشركة في استحقاق العبادة غير ثابت بالعقل، فيبطله القرآن كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

وفي شرح الجوهرة لابن الناظم: «وحقيقة الألوهية وجوب الوجود والقدم الذاتي، ويلزم منه استغناؤه عن كل ما سواه وافتقارُ كلِّ ما سواه إليه».

تعقَّبه المحشِّى الأمير فقال: «قوله: (وجوب الوجود) هذا من اللوازم، وحقيقة الألوهية كونه معبودًا بحق. قوله: (ويلزم منه استغناؤه إلخ) السنوسي فسَّر الألوهية بهذين الشيئين، وأخذ ما عداهما منهما، والشارح فَعَلَ ما فَعَلَ ولم يظهر له وجه» (٣).

وقال البيجوري في حواشيه على الجوهرة: «فحقيقة الإله المعبودُ


(١) المطول: (ص ٢١٦) نشرة د. عبد الحميد هنداوي.
(٢) ما زال مخطوطًا.
(٣) شرح عبد السلام للجوهرة لوالده ص ١١٧. [المؤلف]