للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فبحثتُ معه رحمه الله بحثًا سأورده بنحو معناه، ولعل فيما أحكيه ههنا زيادة أو نقصًا.

قلت: أفلا يحتمل أن تكون هذه الآية في حكم الرجال الزناة خاصة، كما أن الأولى في حكم النساء خاصة؟

فقال السيد: لو أريد هذا لقيل: "والذين يأتونها .. "، فما وجه العدول عن ذلك إلى التثنية؟

فقلت: قد يقال: إنها باعتبار أن الرجال الزناة على نوعين: محصن وغير محصن، فثنِّي باعتبار النوعين.

فقال: وما الدليل على جواز مثل هذا؟

فذكرتُ قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ}، وقول الشاعر (١):

عَيُّوا بأمرِهِمُ كما ... عَيَّتْ بِبَيضَتِها الحمامهْ

جَعلتْ لها عودَين من ... نَشَمٍ وآخرَ من ثُمامهْ

فقد فُسِّر الشعر بأن المعنى: أن فيهم حليمًا وسفيهًا، فسفيههم يُفسِد على حليمهم، كالحمامة إذا نسجت بيتها من عيدانٍ فيها القوي كالنشم، والضعيف كالثمامة. قالوا: والتقدير: جعلت لها عودين: عودًا من نشم، وآخر من ثمامة.

ومن المعلوم أن التثنية في المثل والممثَّل به إنما هي باعتبار النوعين،


(١) هو عبيد بن الأبرص، والبيتان في "ديوانه" (ص ١٣٨) و"الحيوان" (٣/ ١٨٩) و"عيون الأخبار" (٢/ ٨٥) و"لسان العرب" (حيا، عيا) وغيرها.