[ص ٢٢] ومالك رحمه الله تعالى يحتاط في محاربة الربا أشد الاحتياط، حتى حرَّم الإقراض طمعًا في الزيادة، إذا عُرف من عادة المستقرض الزيادة في القضاء، وحرَّم قبول الزيادة إذا كانت عن وعد أو عادة.
فكان على أنصار بيع العهدة أن يراجعوا كتب المالكية، أو يستفتوا أحد علمائهم، ولا يُقدِموا على التحليل والتحريم بناءً على نقول مجملة. والله المستعان.
هذا وقد نصَّ المالكية على حرمة بيع العهدة، أو بيع الوفاء، ووجوب إبطاله وحرمة انتفاع المشتري بالمبيع إذا كان الشرط في صلب العقد، أو تواطآ عليه قبل العقد، وأنه إذا لم يكن هناك شرط ولا مواطأة أصلًا فالبيع صحيح، ولو تبرع المشتري بعد لزوم البيع بنحو قوله:"متى رددتَ إليّ الثمن دفعتُ لك المبيع" كان وعدًا يستحبُّ الوفاء به، ولا يلزم.
وهذه عبارة الدسوقي في حواشي "الشرح الكبير" للمالكية: "وبيع الثُّنيا هو المعروف بمصر ببيع المعاد، بأن يشترط البائع على المشتري أنه متى أتى له بالثمن رد المبيع، فإن وقع ذلك الشرط حين العقد، أو تواطآ عليه قبله كان البيع فاسدًا ولو أسقط الشرط، لتردد الثمن بين السلفية والثمنية ... وأما إذا تبرع المشتري للبائع بذلك بعد البيع بأن قال له بعد التزام البيع: متى رددتَ إليّ الثمن دفعتُ لك المبيع، كان البيع صحيحًا، ولا يلزم المشتريَ الوفاءُ بذلك الوعد، بل يستحبُّ فقط". (ج ٣ ص ٦٢).
وفي المتن والشرح:" (ورُدَّ) المبيع بيعًا فاسدًا لربه إن لم يفت وجوبًا، ويحرم انتفاع المشتري به ما دام قائمًا".
وحكى المحشي عن الشيخ أحمد الزرقاني أن المشتري بهذا البيع يرد