للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سلفٌ يجرُّ منفعة، وذلك أنه يسلفه الثمن؛ لينتفع هو باستغلال المبيع". "المنتقى على الموطأ" (ج ٤ ص ٢١٠) (١).

أقول: وقضية تعليل سحنون أن لا تكون الغلة للمشتري؛ لأنها منفعة جرَّها القرض، والمالكية يشددون في ذلك جدًّا، كما تراه في باب القرض من "الشرح الكبير" وغيره من كتبهم.

هذا مع أن الصورة المتقدمة لم يتمحض العقد فيها لأن يكون في المعنى سلفًا ورهنًا؛ لأنه لم يشترط ردّه عليه مطلقًا، ولا اشترط أن يتأبد حق الاسترداد حتى بعد موتهما، ولا اشترط أن يرده له بمثل الثمن الذي دفعه، بل اشترط أن المشتري إذا أراد بيعه فالبائع أحق به بالثمن الذي يريد المشتري أن يبيع به.

فإذا كان هذا عند سحنون سلفًا جرّ منفعةً، فما بالك ببيع الوفاء؟ وفيه اشتراط الرد مطلقًا مؤبدًا بمثل الثمن المدفوع، فقد انسلخ هذا العقد عن حقيقة البيع في المعنى إلى حقيقة السلف والرهن على شرط أن ينتفع المرتهن بالمرهون.

وبالجملة فمن تدبَّر مذهب مالك رحمه الله ورأى إمعانه في سدِّ الذرائع، ولا سيما ذرائع الربا، والتفاته إلى المعاني، واهتمامه بإبطال الحيل، وذهابه إلى وجوب معاقبة الخارج عن طريق الشرع بنقيض قصده، لا يسعُه إلا الجزم بما قاله الزرقاني.

فمن مذهب مالك رحمه الله أن المطلقة في مرض الموت ترث، ولو لم


(١) (٦/ ١٢٩) ط. دار الكتب العلمية.