الاحتكار، لأنهما جميعًا محتكرانِ، فإذا قيل لهما: لا يحلُّ بيع البر بالبر إلّا مثلًا بمثل، قال صاحب الجيد: وكيف أشتري صاعًا قيمتُه درهمٌ بصاعٍ قيمته درهمانِ؟ فيقال له: أخرِجْ بُرَّك إلى السوق، فبِعْه بدراهم، ثم اشترِ بها كما تُريد. ويقول صاحب الرديئة: إن صاحبي لا يرضى أن يبيعني صاعًا قيمته درهمانِ بصاعٍ قيمتُه درهم. فيقال له: فأخرِجْ بُرَّك إلى السوق فبِعْه، ثم اشترِ كما تريد. فإذا خرج البر إلى السوق انفصم قيدُ الاحتكار.
قلت: إنما يقوى مظنة الاحتكار للذهب إذا بيع بذهب أو فضة، وإنما يقوى مظنته للقوت إذا بيع بقوت، أو ما هو كالقوت.
فأما إذا بِيع القوتُ بالذهب أو الفضة، فإن مظنة الاحتكار تضعُفُ جدًّا.
والغالب فيمن يشتري القوت بذهب أو فضة إلى أجل أن يكون ليس بيده ذهب ولا فضة، بدليل رضاه بزيادة الثمن.
والغالب على من استسلم ذهبًا أو فضة في قوتٍ إلى أجل أن لا يكون عنده قوت في الحال.
قلت: إذا فرضنا أن البلدة تقتات البر، فشراؤه بالشعير نقدًا بنقد ينقض الاحتكار حتمًا. وأما إذا كان البر مؤجلًا فلم ينتقض الاحتكار.
وإذا فرضنا أنها تقتات الشعير، فشراؤه بالبر نقدًا بنقد ينقض الاحتكار، وأما إذا كان البر مؤجلًا فلا.
فإن قيل: فعلى هذا ينبغي إذا كانت البلدة تقتات البر أن يحلَّ بُرٌّ معجَّلًا بشعيرٍ مؤجَّلًا، وإذا كانت تقتات الشعير أن يحِلَّ شعيرٌ معجلًا ببرٍّ مؤجلًا.