للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كأنه رأى أن الاحتكار إنما يشتدُّ ضررُه فيها على ما هو معروف في مذهبه في تحريم الاحتكار، ولما كان مذهبه ظاهرَ المناسبة، ولا يصادم نصّا ظاهرًا، رأيتُ الاقتصار عليه.

وبمقتضى ما ذكرناه من أن العلة في بيع كل من الستة بجنسه نسيئةً هي الربا، قال أبو حنيفة ومالك رحمهما الله، فعدَّيا الحكمَ إلى جميع الأشياء، فمنعا بيعَ الثوب بجنسه، وغير ذلك، إلا أن مالكًا رحمه الله تعالى يقول: إذا اختلفت المنفعة المقصودة جاز وإن اتحد الجنس، كالبعير النجيب بالبعير من حاشية الإبل. وحجته أن اختلاف المنفعة المقصودة يصيِّر الجنسَ جنسين.

وقيَّد ذلك بعض أصحابه بما إذا كان الأفضل هو المعجّل، وخالفه غيره.

وأرى أن مذهب أبي حنيفة رحمه الله أضبط وأولى. ومن قال بقول مالك فينبغي له أن يُقيِّد بالقيد المذكور؛ لظهور الربا في بيع البعير من حاشية الإبل مُسلَمًا في الحال ببعيرٍ نجيبٍ إلى أجل.

والمسألة تستدعي بسطًا لا أرى هذا محلَّه. والله أعلم.

ولما كان مذهب أبي حنيفة في هذا ثم مذهب مالك هو الراجح رأيتُ الاقتصار عليه، وليكن هذا آخرَ القسم الأول.