للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والسدي ــ واختاره الجبائي كما في «روح المعاني» (١) ــ أنه الزيادة المعروفة في المعاملة التي حرَّمها الشارع.

ومن حجة القولين الأولين أن السياق في الإنفاق، فكأنه قسَّم الإنفاق بغير عوض إلى قسمين: قسمٍ يُراد به وجه الله، وقسمٍ بخلافه. وسمَّى الثاني (ربا) تشنيعًا له، وسمَّى الأول (زكاة) ترغيبًا فيه.

وحجة أخرى، وهو أنه قال: {فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ}. ولو كان المراد الربا الحرام لكان المناسب فيما يظهر أن يصرِّح بما فيه زجر ووعيد.

ومن حجة القول الثالث: أن المتبادر من الربا هو الربا الحرام، سواءٌ أقلنا إنه حقيقة لغوية أم لا. ويكفي في تبادره أن هذا اللفظ إنما ذكر في القرآن في الربا الحرام، فالأولى إلحاقه في هذا الموضع بسائر المواضع.

وجوابهم عن الحجة الأولى بأن آيات البقرة في الربا الحرام قطعًا، والسياق سياق الإنفاق. وقد تقدمت الآيات وقد تقدم وجه ذلك، وذكرنا نحوه عن الراغب.

ومثل ذلك قوله عزَّ وجلَّ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٣٠) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (١٣١) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٣٢) وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ} [آل عمران: ١٣٠ - ١٣٤].


(١) (٢١/ ٤٥). وانظر «تفسير القرطبي» (١٤/ ٣٧).