للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلمة «ربا».

وهذا وإن لم يكن حجة لعدم الوثوق بالتوراة التي بأيديهم، ففيه تقوية لِمَا تقدَّم. نبَّهني عليه الفاضل نور محمد أبو الفداء الفاروقي رحمه الله.

وأما السنة، فأولًا: الأحاديث المطلقة في ذم الربا. وثانيًا: الأحاديث التي فيها «الذهب بالذهب» «الدينار بالدينار» ونحوها بدون ذكر بيع. ومنها حديث أبي هريرة (١) مرفوعًا: «الذهب بالذهب وزنًا بوزن مثلًا بمثل، والفضة بالفضة وزنًا بوزن مثلًا بمثل، فمن زاد أو استزاد فقد أربى» (صحيح مسلم ج ٥ ص ٤٥). وحديثه (٢) مرفوعًا: «الدينار بالدينار لا فضل بينهما، والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما».

وشرَّاح الحديث يحملون ذلك على البيع، ولا أرى له وجهًا صحيحًا، ولاسيما في الحديث الثاني، فإن قرض الدينار ليُقضى بدينار لا فضل بينهما أمر معروف مألوف، بخلاف بيع دينار بدينار لا فضل بينهما، فتدبَّر.

ثم رأيت الباجي قد نبَّه في «شرح الموطأ» على ما ظهر لي، قال: «وقوله: الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم، يقتضي ثلاثة أشياء: المبايعة والمبادلة والقضاء ... فأما القضاء فقد يكون قضاءً عن سلف وقضاءً عن غير سلف ... » (المنتقى ج ٤ ص ٢٦٠).

ويمكن أن يُعترض على هذا بأن المستقرض إذا زاد عند الأداء عن طيب نفس لم يكن ذلك ربًا، بل هو مستحب لحديث: «خياركم أحسنكم


(١) سبق تخريجه.
(٢) أخرجه مسلم (١٥٨٨/ ٨٥).