للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «الموطأ» (١) عن زيد بن أسلم أنه قال: «كان الربا في الجاهلية أن يكون للرجل على الرجل الحقُّ إلى أجل، فإذا حلَّ الأجل قال: أتقضي أم تُربي؟ فإن قضى أخذ، وإلَّا زاده في حقِّه وأخرَّ عنه في الأجل» (هامش «المنتقى» ج ٥ ص ٦٥).

هذا المقطوع صحيح لا مطعن فيه.

فيقال: هذه المقاطيع حصرتْ ربا الجاهلية في هذا، وذلك يدل على أمرين:

الأول: أن الربا المنصوص في القرآن خاص بذلك عند هؤلاء التابعين.

الثاني: أن الزيادة المشروطة في القرض ليست بربا عندهم، لأن أهل الجاهلية كانوا فيما يظهر يُقرِضون ويشترطون الزيادة، إذ لا مانع لهم من ذلك. والحاجة تدعو إليه كما تدعو إلى الزيادة على الدين.

الجواب

من المحتمل أن يكون هؤلاء التابعون لم يريدوا الحصر، وإنما أرادوا بيان الربا الذي يبلغ أضعافًا مضاعفة. وعلى فرض أنهم كانوا يرون الحصر، فالأمر الأول مبني على الثاني، فإذا لم يثبت أن هؤلاء التابعين علموا بأن أهل الجاهلية كانوا يقرضون بشرط الزيادة، جاز أن يكونوا ظنوا أن أهل الجاهلية لم يكونوا يفعلون ذلك. وإذا لم يفعلوا ذلك فالربا الذي كانوا يفعلونه إنما كان سببًا لنزول الآيات. والآيات عامة، والعبرة بعموم اللفظ لا


(١) (٢/ ٦٧٢).