جملًا خيارًا رباعيًّا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «أعْطِه إياه، فإن خير الناس أحسنهم قضاءً».
أقول: لفظ مسلم: «عن أبي رافع أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - استسلف من رجلٍ بَكْرًا، فقدمتْ عليه إبلٌ من إبل الصدقة، فأمر أبا رافع أن يقضي الرجلَ بَكْرَه، فرجع إليه أبو رافع فقال: لم أجد فيها إلا خيرًا رَباعيًّا، فقال: «أعطِه إياه، إن خيار الناس أحسنهم قضاءً». «صحيح مسلم»(ج ٥ ص ٥٤).
فقوله:«فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بَكْرَه» ظاهر في أنه - صلى الله عليه وآله وسلم - أمره أولًا أن يقضي الرجلَ بَكْرًا مثلَ بكْرِه، وهذا صريح في أن الزيادة لم تكن مشروطة، إذ لو كانت مشروطة لما أخلفَ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - شرطه.
وقوله:«أعطِه إياه» تفضُّلٌ محض.
وقوله:«خيار الناس أحسنهم قضاء» لا يتناول ما إذا كانت الزيادة مشروطة، لأنها متى كانت مشروطة ــ والفرض أن الشرط لازم كما يحاوله صاحب الاستفتاء ــ كانت لازمة، ومن أدى ما يلزمه لا يناسب أن يقال: إنه من خيار الناس [ق ٢٧] وإنه من أحسنهم قضاءً، لأن الشرير والمسيء إذا أُلزِما بشيء أدَّياه، ألا ترى أن من غُبِن في ثوب فاشتراه بضِعْفِ قيمته ثم أدّى الثمن الذي اشترى به= لا يناسب أن يقال: إنه من خيار الناس ولا من أحسنهم قضاءً. فثبت أن قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «خيار الناس أحسنهم قضاء» خاصٌّ بالزيادة التي هي تفضُّل محض، كما وقع في القصة أنه استسلف من رجلٍ بكرًا على أن يقضيه مثله كما هو شأن السلف، فقضاه خيرًا من بَكْرِه تفضلًا.