استسلفَ منه شطْرَ وَسْقٍ، فأعطاه وسَقًا، فقال: نصفُ وَسْقٍ لك، ونصف وسَقٍ من عندي. ثم جاء صاحب الوسق يتقاضاه، فأعطاه وسقينِ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «وسْقٌ [لك] ووسْقٌ من عندي».
أقول: قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «نصف وسقٍ لك ونصف وسقٍ من عندي» ظاهر في أن هذه الزيادة تفضُّلٌ محض، ولو كانت مشروطة شرطًا لازمًا كما يحاوله صاحب الاستفتاء لكان الوسق كلُّه حقًّا للمُسْلِف بمقتضى الشرط، فلا يكون له النصف فقط ويكون النصف الآخر من عنده - صلى الله عليه وآله وسلم -.
وذكر حديث البزار (١) أيضًا عن ابن عباس: «استسلف النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من رجلٍ من الأنصار أربعين صاعًا ... فأعطاه أربعين فضلًا وأربعين سَلَفه، فأعطاه ثمانين».
أقول: قوله: «فأعطاه أربعين فضلًا» ظاهر في أنه تفضُّلٌ محض، ولم تكن مشروطة.
وذكر حديث البيهقي عن أبي هريرة قال:«أتى رجلٌ رسولَ الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يسأله، فاستسلف له رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - شطْرَ وسْقٍ، فأعطاه إياه، فجاء الرجل يتقاضاه، فأعطاه وسقًا وقال: «نِصفٌ لك قضاءٌ، ونصفٌ لك نائلٌ من عندي»«سنن البيهقي»(ج ٥ ص ٣٥١).
[ق ٢٨] أقول: قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «نائلٌ من عندي» نصٌّ على أنه تفضُّلٌ محض.
(١) كما في «كشف الأستار» (١٣٠٧). قال البزار: لا نعلمه بإسناد متصل إلا بهذا، ولم نسمعه إلا من أحمد [بن خزيمة] وكان ثقة. وقال الهيثمي (٤/ ١٤١): رجاله رجال الصحيح خلا شيخ البزار، وهو ثقة.