ثم انتقل المؤلف إلى الكلام على تقسيم الأخبار عند الأصوليين إلى ثلاثة أقسام: مقطوع بكذبه، ومقطوع بصدقه، وما ليس مقطوعًا بكذبه أو بصدقه.
فالمقطوع بكذبه ما قام البرهان القاطع على خلافه. وعقَّب المؤلف على ذلك بأنك لن تجد إن شاء الله برهانًا قاطعًا يقينيًّا مخالفًا لحديثٍ إلّا وجدتَ ما يدلُّك على أحد الوجهين: إما أن يكون في إسناده خلل، وإما أن يكون وقع تغيير في متنه بزيادة أو نقص، أو تقديم أو تأخير، أو تبديل لفظٍ بآخر، أو نحو ذلك مما يغير المعنى.
ونقل كلام الأصوليين أن من المقطوع بكذبه: المنقول آحادًا، والعادة قاضية بأنه لو صح لنُقِل بالتواتر، لتوفُّر الدواعي على نقله. وعقب عليه المؤلف بأنه ينبغي التثبت في هذا، فقد تقع القضية ولا يحضرها إلا الواحد أو الاثنان، وقد يحضر جماعة ولا يتنبه لها منهم إلّا الواحد أو الاثنان. وقد يشاهدونها ولا يرون لها أهمية فلا ينقلونها، وقد يرون لها أهمية ولكن لا يرون لنقلها أهمية. وقد ذكر المؤلف أمثلة عديدة لها، وتوصَّل إلى أنه ينبغي التثبت في ردّ الأحاديث بما ذُكر، فلا يُقدم على ذلك مع قيام الاحتمال.
أما المقطوع بصدقه فذكر الأصوليون منها أمورًا:
الأول: خبر الربّ عز وجل، وخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -.
الثاني: أن يخبر إنسان بمرأى ومسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا ينكره عليه.