وشريعته خاتمة الشرائع، فلا يجوز أن يذهب حكم من أحكامها بحيث لا يبقى في ما حفظ منها حجة عليه.
والحق أنه إذا وجد خبر منسوب إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فلا يخلو عن واحد من أربعة أوجه:
الأول: أن يكون هو ــ أو حجةٌ توافق معناه ــ موجودًا في المحفوظ من الشريعة بنقلٍ تقوم به الحجة.
الثاني: أن يكون كان شيء فنُسِخ.
الثالث: أن يكون وقع في متنه تغيير، كما تقدم.
الرابع: أن يكون كذبًا، عمدًا أو خطأً.
فإذا قامت الحجة على نفي الثلاثة الأولى تعين الكذب. والله أعلم.
قالوا: ومنه المنقول آحادًا، والعادة قاضية بأنه لو صح لنُقِل بالتواتر، لتوفر الدواعي على نقله.
وأقول: ينبغي التثبت في هذا، فقد تقع القضية ولا يحضرها إلا الواحد أو الاثنان، وقد يحضر جماعة ولا ينتبه لها منهم إلا الواحد أو الاثنان، وقد يشاهدونها ولا يرون لها أهمية فلا ينقلونها. ومثال هذا: اليوم الذي توفي فيه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، فالخلاف فيه بين المتأخرين كثير، ولا يكاد يصح فيه شيء.
وقد يشاهدونها ويرون لها أهمية، ولكن لا يرون لنقلها أهمية، إما لاعتقادهم [أنها] قد نُقِلت نقلًا كافيًا في بيانها، وليس هناك من ينكرها، كما في انشقاق القمر؛ لأنهم يرونه ــ مع الشهرة بينهم ــ مذكورًا في القرآن، ولم يبق من العرب من يرتاب في القرآن.