والجواب: لله الحجة البالغة، فسنثبت ــ إن شاء الله تعالى ــ أن وجوب العمل بخبر الثقة بشرطه ثابت بالدلائل القطعية، إذا ثبت ذلك فقد صار عمل المكلف بما يبلغه من ذلك واجبًا عليه قطعًا، ولا ينفعه كونه يجوز في نقل ذلك الخبر الكذب والخطأ؛ فإن الله تعالى يقول له: قد علمتَ قطعًا أنه يجب عليك العمل بمثله، وكفى.
ومع ذلك، فيقال لمن حاول الاعتذار بما ذكر: أرأيت لو أخبرك من تثق به بأن في هذا الجُحر حية، أتُدخِل يدك فيه وأنت تحب الحياة؟
أرأيت لو أخبرك من تثق به بأن في القارورة التي لا يُدرى ما فيها سمٌّ قاتل، أكنت شاربه وأنت تريد الحياة؟
أرأيت لو جاءك رجل تثق به، فقال لك: أنا رسول الأمير إليك، يأمرك أن تحضر في وقت كذا، فإن حضرت أنعم عليك، وإن لم تحضر عاقبك، أتتكاسل عن الحضور وأنت تعلم قدرة الأمير على نفعك وضرك؟
أرأيت؟ أرأيت؟
ثم يقال له: فلو كنتَ تؤمن بالله وترجو رحمته وتخاف عقابه لعملت بخبر الثقة عن رسوله. فإن كنت مؤمنًا ولكن غلب عليك الهوى فخالفتَ، فأنت تعلم أنك معرِّضٌ نفسَك للعقاب، وأنك إذا عُوقبتَ فعلى نفسك اللوم!