للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثالث: ما لم ينصّ على الحثّ على اعتقاده.

والأمر فيه واضح.

فإن قلت: إنما تمشَّى لك هذا لأنك بنيتَ على أن الحديث الصحيح إذا ورد بعقيدة فإنما يرِدُ بما هو حق في نفس الأمر، وليس هذا بلازم؛ لجواز أن يرِدَ بما هو باطل، ضرورةَ جوازِ الخطأ والغلط على الرواة، بل والكذب أيضًا.

فالجواب: أن ما ذكرته يجري في هذا أيضًا، وذلك أنه إن ورد حديث بعقيدة باطلة ــ على أنها من الضرب الأول ــ فهذا لا يكون صحيحَا؛ لأنه على فرض أن رواته ثقات يكون شاذًّا منكرًا، لوجهين:

الأول: أن الضرب الأول لِعِظَم شأنه اعتنى به الشارع، وأشاعه وأذاعه، واعتنى به أصحابه ثم أتباعهم، وهلمَّ جرًّا، فلو كان هذا منه لنُقِل إلينا بالتواتر.

الوجه الثاني: أن الله عز وجل جعل محمدًا - صلى الله عليه وآله وسلم - خاتم الأنبياء، وشريعته خاتمة الشرائع، ولذلك تكفّل بحفظها إلى يوم القيامة، ولا يتم الحفظ إلا بأن يكون على وجه تقوم به الحجة، ويحصل به المطلوب.

والمطلوب في الضرب الأول هو استيقانه، وذلك لا يحصل بمجرد خبر الواحد. فإذا لم نجد في الشريعة إلا خبرًا واحدًا، ومدلوله أصل اعتقادي، على أنه من الضرب الأول، علمنا بطلانه.

لا يقال: فلعله يقع إلى حديث العهد بالإسلام.