{فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ} [غافر: ٤٧]، وهو في كثير من الآيات لفظ "شيء" إما منصوبًا، وإما مجرورًا بـ "من" المؤكدة للعموم.
هذا هو الذي ينبغي اعتماده. وبعضهم يحمل لفظ "شيء" في كثير من الآيات على أنه مفعول مطلق، ويفسر بـ "شيئًا من الإغناء"، وهو تكلف لا ضرورة إليه.
وهو في كثير من الآيات اسم استفهام مقدم، كقوله عز وجل: {وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى} [الليل: ١١]، وقوله حكايةً عن الكافر حين يرى العذاب: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ} [الحاقة: ٢٨]، وقوله سبحانه: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} [المسد: ١ - ٢].
فـ "ما" في هذه الآيات استفهامية بمعنى "أي شيء"، والاستفهام إنكاري فيه معنى النفي.
ولا حاجة إلى جعل كلمة "ما" في الآيات نافية، لأن الفعل يخلو عن المفهوم، فإما أن يُدَّعى قصْرُه أو يُقدَّر، وكلاهما خلاف الأصل.
وكذلك في قوله تعالى: {حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ} [القمر: ٥]، والمعنى: أي شيء من الكفر، كما يأتي في التي بعدها.
وقوله سبحانه: {وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} [يونس: ١٠١]. والمعنى: أي شيء من الرجس وهو الكفر؛ فإن قبلها: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (١٠٠) قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي} الآية.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute