للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما الأصل فإن أطفال المسلمين يولدون غير متلبسين بمفسِّق، فيبقى الحكم على ذلك ما لم يثبت خلافه.

وأما الظاهر فلأن غالب المسلمين في العصور الأولى عدول.

وما ذكرتم من عدم الوثوق فيه نظر من وجهين:

الأول: أن لنا أن نقول: قد دلت الآية على قبول خبرِ من كان في الحكم غير فاسق. ونختار أن العلة هي إخبار من ذكر، لا الظن. غاية الأمر أنه قد يُشترط مع إخبار من ذكر أن لا يتبين خطؤه، فإذا حصل هذا فقد لزم الحكم وإن لم يتحقق الظن. وذلك كما قالوا: إن القصر في السفر أصل الحكمة فيه المشقة، ولكنه ضُبِط بالسفر، ثم صار المدار على السفر وإن لم تتحقق المشقة.

الوجه الثاني: أننا نشاهد في زماننا هذا أن من لم نعرف حاله يخبر بخبر، فيحصل لنا وثوق بالخبر في الجملة إذا لم تكن هناك قرائنُ تدفعه. فلَأن يحصلَ مثل هذا الوثوق ــ وأقوى منه ــ في المخبر من أهل القرون الأولى أولى.

نعم، قد يتزلزل الوثوق بقرائن، كأن يقال: إن هذا المخبر انفرد بهذا الخبر عن الزهري مثلًا، وقد كان الزهري حريصًا على نشر الحديث، وله تلامذة كثيرون معتنون بالرواية، فمن البعيد أن يكون الخبر صحيحًا عن الزهري ولا يُروى إلا من طريق هذا المجهول.

ولكن هذا لا يضرنا؛ لأننا إنما ندعي حصول الوثوق عند التجرد عن القرائن، فأما مع القرائن المنافية فقد يتزلزل خبر من اتفق الناس على توثيقه.