للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويرى أنه عالمٌ بها، إنما هي ظنونٌ قد تتخلف. وطريق الخلاص من هذا مشروحةٌ في موضع آخر.

[ص ٢] الفائدة الرابعة: حكم الذهن الجازم يسمَّى "اعتقادًا"، وقد يكون عن علمٍ، وقد يكون عن ظنٍّ غالبٍ.

والفصل بينهما أنَّ الحكم إن كان خطأً فهو عن ظنٍّ، وهذا هو الذي يُسمَّى بالجهل المركب؛ لأنَّ صاحبه يجهل، ويجهل أنه يجهل، أي لا يعلم حقيقة الحال، ويرى أنه عالمٌ. وأما الجهل البسيط فهو أن يجهل حقيقة الحال، ويعلم أنه جاهل بها.

وإن كان الحكم صوابًا، فللمعتقد حالان:

الأول: أن يكون بنى اعتقاده على دليل يفيد العلم؛ سواءٌ أكان دليلًا معيَّنًا، أم مجموعَ أمورٍ إنما يفيد كلٌّ منها بانفراده ظنًّا ما، ولكنها بمجموعها تفيد القطع، وسواءٌ استطاع المعتقد أن يُعبِّر عن ذلك الدليل أم لم يستطع، وهذا كله علم.

الحال الثانية: أن يكون بنى اعتقاده على دليل يجوز أن يتخلَّف، ولكنه لم يشعر بجواز تخلُّفه؛ كالبدوي الذي تقدم آنفًا، إذا وَقَفْتَه قريبًا من حجرة يسمع فيها غناءً، فإنه يقطع أنَّ فيها إنسانًا يُغنِّي. ودليله قد يتخلَّف كما مر، فهذا اعتقادٌ ليس بعلم، وإن صادف الواقع.

الفائدة الخامسة: كثيرًا ما يطلق الظنّ على الخرْص والتخمين، وهو ما يُبنَى فيه الحكم على أمارة ضعيفة محتملةٍ للتخلُّف احتمالًا ظاهرًا.

والعاقل لا يبني على مثله إلَّا حيث لا خطر، ولكن كثيرًا ما يتقوَّى مثل