للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكتكذيب النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أو إهانته، وقد يكون نقضًا لما تقتضيه بمعونة القرائن القطعية كما تقدَّم مع دلالة المنطوق عليه، كأن يعبد غير الله تعالى مع اعترافه أن ذلك الشيء لا يستحق العبادة؛ فإن منطوق الشهادة أنه لا مستحق للعبادة إلا الله تعالى، وعلم منه أن عبادة غيره تعالى شرك، وقد يكون الإخلال تقصيرًا دون ذلك كشرب الخمر.

فخلاصة ما تقدَّم: أن لفظ (إله) قد يأتي بمعنى مستحق للعبادة، وقد يأتي بمعنى (معبود)، وأن كلمة الشهادة تتضمن التوحيد في الأمرين, وأن الإخلال بأحدهما شرك.

ولكن الاشتباه الذي نشكوه لا يزول إلا بمعرفة معنى العبادة، فنقول (١): "أصل العبادة في اللغة التذليل (٢) ... والعبادة والخضوع والتذلُّل والاستكانة قرائب في المعاني، يقال: تعبد فلانٌ لفلانٍ إذا تذلَّل له، وكلُّ خضوعٍ ليس فوقه خضوعٌ فهو عبادةٌ طاعةً كان للمعبود أو غيرَ طاعةٍ، وكلُّ طاعةٍ لله على جهة الخضوع والتذلُّل فهي عبادةٌ، والعبادة نوعٌ من الخضوع لا يستحقُّه إلا المنعم بأعلى أجناس النعم كالحياة ... والعبادة لا تستحقُّ إلا بالنعمة؛ لأن العبادة تنفرد بأعلى أجناس النعم، لأن أقلَّ القليل من العبادة يَكْبُرُ عن أن يستحقه إلا مَن كان له أعلى جنسٍ من النعمة [؟ ] (٣) إلا الله سبحانه، فلذلك لا يستحق العبادة إلا الله".


(١) المخصَّص. [المؤلف]. لابن سيده، المجلَّد الرابع (١٣/ ٩٦).
(٢) كذا في الأصل، والوجه التذلُّل. ونقل في موضع آخر عن أبي عليٍّ: "وأصل التعبيد: التذليل". انظر المجلد الأول ٣/ ١٤٣.
(٣) كذا في الأصل، إشارة إلى الخلل في العبارة؛ لأن الاستثناء هنا لا مناسبة له، إلا أن يكون بدلًا من الاستثناء الأوَّل.