كلام العرب، وعليه فالكلمة من مادة (تنر)، هذا تقرير الجمهور (١)، ويعكّر عليه أمور منها:
عدم المناسبة في الاشتقاق، وأيضًا مادة (تنر) أَصْلٌ لا يُعرف له نظير، ومنها أنَّه لا يجتمع نون وراء في كلمة عربية، والاعتراضان الأوّلان لهما حظٌّ من النظر، وأمَّا الأخير فليس على إطلاقه.
وذهب جمعٌ من الأئمة إلى أن كلمة (تنّور) أعجميّة هربًا من تلك الإشكالات، قال السمين الحلبي في الدرّ (٤/ ٩٨): "وقيل: هو أعجميٌّ، وعلى هذا فلا اشتقاق له".
وردَّ هذا القول غير واحد من العلماء، وقالوا: لا تخلو الكلمة من أمرين:
أحدهما: أن تكون عربيةً خالصة.
ثانيهما: أن تكون اشتركت فيها جميع اللغات، وعمَّ بها كل لسان.
وهذه الإشكالات التي مضت أدَّت إلى أن يخطر ببال المؤلف رحمه الله وَجْهٌ في تصريف (تنور) يراه أسلمَ من جميع ما تقدَّم، وذلك أن اللفظة عنده مشتقة من مادة (ن ور) ــ كما قال ثعلب ــ ولكنَّ وزنها في الأصل كان على (فَعُّول)، ثم جرى لها قلب ــ بتقديم العين على الفاء فصار (وَنُّور) بوزن
(١) وأمَّا الإمام ثعلب فذهب إلى أنه مشتق من مادة (ن ور) ووزنه حينئذ (تَفْعول)، ورد عليه ابن جني في الخصائص (٣/ ٢٨٥)، واعتذر لثعلب أبو حيان في البحر المحيط (٥/ ١٩٩)، وأمَّا الأستاذ أحمد شاكر فقد جوَّد رأي ثعلب كما في تحقيقه للمعرَّب (ص ٨٤).