للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا الاستشكال له وجهٌ وجيه، وهو نوع من أنواع التماس العلل في مسائل الصرف، فقديمًا وقع الخلاف بين البصريين والكوفيين في تصريف ووزن كلمة (خطايا) وبابه، وقد بسط الخلاف ابن الأنباري في كتابه الإنصاف (١).

ومن خلال البحث في كتب الصرف والنحو وجدت الأئمة يعللون قلب الهمزة الثانية ياءً لاجتماع همزتين في كلمة واحدة، ثم بعد هذا يبدلون مكان الياء ألفًا كما في (مدارا) ثم إلى آخر ما يكون من تصريف الكلمة، قال أبو عثمان المازني ــ كما في المنصف (٢/ ٥٤) ــ: "اعلم أنك إذا جمعت "خطيئة ورزيئة" على فعائل قلتَ: "خطايا ورزايا"، وما أشبه هذا ممَّا لامه همزةٌ في الأصل لأنك همزت ياء "خطيئة ورزيئة" في الجمع كما همزت ياء "قبيلة وسفينة" حيث قلت: "قبائل وسفائن"، وموضع اللام من خطيئة مهموز فاجتمع همزتان فقلبت الثانية ياءً لاجتماع الهمزتين فصارت "خطائيُ" ثم أبدلت مكان الياء ألفًا كما فعلت ذلك في "مدارا ومعايا" وما أشبه ذلك فصارت "خطاءا" وتقديرها "خطاعا" والهمزة قريبة المخرج من الألف فكأنك جمعت ثلاث ألفات، فلما كان كذلك أبدلوا من الهمزة ياءً فصارت "خطايا" فلا تستنكر هذا التفسير وتطويله، فإنَّ هذا الباب يدور على هذا فاعلم ذاك" اهـ.

فكأنَّ المعلِّمي ــ رحمه الله ــ يرى أن هذا التعليل غير كافٍ لرفع الإشكال، وبدا له أنَّ الجواب عن ذلك هو رفع اللبس، بأن لا يكون جمع (خطايا) ونحوه ــ إذا عومل معاملة رسائل ــ مشبهًا المصدر، وشرح كيف


(١) انظر (٢/ ٨٠٥).