للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الظاهر أن المعطوف عليهم وهو قوله: {وَمَا تَعْبُدُونَ} غيرهم، والمتبوعون من الإنس ليسوا كذلك، والشياطين وإن كانوا داخلين في الذين كفروا إلا أنه يمكن أن يُخَصّ {الَّذِينَ كَفَرُوا} في الآية بالإنس، وهو وإن كان أيضًا خلاف الظاهر إلا أنه أقرب من تخصيصه بالتابعين من الإنس.

[س ٣٥/ب] ويشهد له ما رواه ابن مردويه والواحدي عن ابن عباس أن قوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ} الآية، لما نزلت قال ابن الزبعرى: أليس اليهود عبدوا عزيرًا والنصارى عبدوا المسيح وبنو مُليح عبدوا الملائكة؟ فأجابه بقوله: بل هم عبدوا الشياطين التي أمرتهم بذلك (١).

وأصل القصة مرويٌّ من طرق (٢).

فأما ما شاع من أنه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أجابه بقوله: يا غلام ما أجهلك بلغة قومك؛ لأني قلت: (وما تعبدون) و (ما) لما لم يعقل، ولم أقل: (ومن تعبدون)؛ ففي تفسير الآلوسي (٣) أنَّ ابن حجر تعقَّبه في تخريج


(١) أسباب النزول للواحدي ص ٣٠٥ - ٣٠٦، من طريق أبي يحيى عن ابن عباس. وانظر: الدر المنثور ٥/ ٦٧٩ - ٦٨٠.
(٢) أخرجها الطبري ١٦/ ٤١٨، من طريق سعيد بن جبير، والطبراني ١٢/ ١٥٣ - ١٥٤، ح ١٢٧٣٩ - ١٢٧٤٠، من طريقي أبي رزين وأبي يحيى. والحاكم في كتاب التفسير، تفسير سورة الأنبياء، ٢/ ٣٨٤ - ٣٨٥، من طريق عكرمة. وقال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ولم يتعقبه الذهبي. وانظر: مشكل الآثار، باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المراد بقول الله عز وجل: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} الآية، ٣/ ١٥.
(٣) روح المعاني ١٧/ ٩٤.