للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصواب إن شاء الله تعالى أن المراد بـ (أزواجهم) أخلَّاؤهم, أعمُّ من أن يكونوا من الإنس أوالجنِّ، فقد قال تعالى في آية أخرى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (٦٧) يَاعِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (٦٨) الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (٦٩) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ} [الزخرف: ٦٧ - ٧٠]، والمراد بالأزواج هنا الأخلَاّء, فكذا هناك، وبه تتَّفق غالب الأقوال في الآية، والله أعلم.

وقد رُوي عن ابن عباس أن المراد بـ (أزواجهم) نساؤهم (١)، والمراد الكافرات, أي أنه من العام المخصوص أو المراد به الخصوص. والله أعلم.

وعلى فرض أن المراد القرناء فقط فيقال [س ٣٧/ب]: الشياطين المعبودون أعمُّ من القرناء، ويقرب منه قوله تعالى: {وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٩٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (٩٣) فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (٩٤) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (٩٥) قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (٩٦) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ٩٢ - ٩٨].

ولعله إنما لم يكثر هذا الاستعمال لأن غالب الكفار لا يسمُّون الشياطين آلهة، بل ولا يعترفون بأنهم يعبدونها، وإنما ألزمهم الله تعالى ذلك لأنهم أطاعوها الطاعة المخصوصة التي تسمَّى عبادة كما سيأتي تحقيق ذلك إن شاء الله تعالى.

٥) الأحبار والرهبان. قال الله تبارك وتعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا


(١) انظر: روح المعاني ٢٣/ ٨٠. قال: ورجحه الرماني.